كثير منا يستخدم هذا الإسلوب !
أكرهك، ليتك تخرج ولا تعود، لقد جعلتني أبدو صغيراً أمام الناس، أتعبتني
عبارات توحي للطفل أنه غير مقبول وغير مرحب به في المنزل، وأنه ليس مصدر سعادة وفخر بالنسبة إلى والديه.
يقول أحد الآباء: أصابني ابني بالضجر والتعب، فقد كثرت أخطاؤه وتكررت، هممت أن أضربه، لكني عاهدت ربي ألا أظلمه، إنها طبيعة المرحلة، وفيه من الخير الكثير، هو ابن السبع سنوات لا يحتاج إلى من يقهره، فهو فقط يحتاج إلى من يوجهه ويؤدبه دون عنف أو قسوة، ويكفيه عقابه مني أن أصمت وأبعد عيني من عينه، عندها يقول حزيناً: هل أنت غضبان مني یا بابا؟ فإذا استمر صمتي زاد حزنه وكثر صمته وتكرر اعتذاره، إنني أحاول أن أعمل بالحكمة التي تقول: (لا أضع صوتي حيث ينفع صمتي، ولا أضع سوطي حيث ينفع صوتي) وذات يوم أغضبني ابني کتیراً وهممت بضربه، لكني تذكرت عهداً قطعته على نفسي بألا أستخدم سلاح الضعفاء، فقلت له: يا بني، هل تعتقد أنه يمكنني أن أضربك؟ فقال: نعم، فقلت له: ولم تراني لا أضربك، عندها خفض رأسه ونظر نحو الأرض وقال محرجاً: لأنك تحبني، هزتني كلمته، كان شعوري حينها عبارة عن مزيج من الفرح والفخر به والشكر له، لم أملك حينها إلا أن أحتضنه قائلاً: إذاً لا تجعل حبيبك يغضب منك.
لقد ذكرت في حينها قول الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ}، ومعنى قول اليهود والنصاری: (نحن أبناء الله) أي كأبنائه في القرب والمنزلة، قل لهم هم یا رسول الله (فلم يعذبكم بدنوبکم) إن صدقتم في ذلك، فإن الأب لا يعذب ولده، ولا الحبيب يعذب حبيبه !!
بعد أن احتضنت ابني فرحاً بما قال، قال لي (إنك لن تضربني لأني حبييك) قلت له: وهل يصح أن يحزن الحبيب حبيه؟ فقال: لا، فقلت له: أنت قد أحزنتني وأنا أحبك، هيا فكر في شيء تفعله لكي يفرحني كما أحزنني؟ فذهب ثم عاد وقد خبأ شيئاً خلف ظهره، وقال: اغمض عينيك، فأغمظتها لثواني، فقال: افتح عينك، ففتحتها ووجدته قد أخذ إصبع موز من المطبخ، وناولني إياه منها وهو يقول: هل أنت هكذا سعيد؟ فابتسمت وأخذته من يده ولم أجد شيئاً أكافئه به غير حضن دافي.